Thursday, July 27, 2006

إسرائيل تحتلّ السماء

الساعة الثانية وخمسون دقيقة من بعد منتصف الليل
تدخل إسرائيل من نافذتي وتوقظني
من يا ترى أعطاها الحق بإيقاظي؟؟

أحاول النوم.. لا أستطيع
تتكاثر الأفكار في رأسي
فكرة ً تنجب فكرةً تنجب فكرة
ولا أقوى على إيقافها
فأكتبها
أكتب احتمالات قصيدة.. قد تولد وقد لا تولد
وقد تقتصر حياتها على بضعة أسطرٍ ليس إلا
فقط إسرائيل تتحكّم بطول القصيدة
بالتحالف مع الولايات المتحدة الأميركيّة


الصوت الآتي من السماء يؤرقني
هم في السماء ولا أراهم
و أنت يا ربّي في السماء ولا أراك
كيف تسمح لهم بأن يحتلّوا سماءك ويؤرقوك ؟؟


حين تحتلّ إسرائيل السماء
يصبح كلّ لقاء احتمال وداع
تصبح كلّ نظرةٍ احتمال النظرة الأخيرة
و تحمل كلّ نبضة قلب فرضيّة الموت


إسرائيل تحلّق في السماء
وأنا لم أعد أشعر بالخوف
ربّما أطلقت صواريخها ليلاً على أحاسيسي
وأذابتها بالمواد الكيميائيّة


الساعة الثالثة وخمس دقائق من بعد منتصف الليل
ما زال قلب القصيدة ينبض حتى اللحظة
نفيدكم بأي جديد لدى وقوعه


إسرائيل تحتلّ السماء
و أنا أكتب قصيدةً على ضوء الهاتف الخلويّ.. و القنابل المضيئة


اكتشفت مؤخّراً بأنّ لإسرائيل الحق بإيقاف الزمن
لديها الحق بجعل كلّ أيامنا يوماً واحداً يتكرّر كلّ يوم
لديها الحق بأن تقرّر عدد أيّام الأسابيع.. و الأشهر.. والسنين
لديها الحق بتحديد الليل والنهار
يا ألله أين أنت من كل هذا؟؟
كيف تسمح لهم بالتعدّي على حقوقك؟
إن كنت أنا لا أستطيع بأن أخرجهم من أرضي
أخرجهم أنت من سمائك.. و ارفع علمك منتصراً


خبر عاجل: إنزال إسرائيلي على شاطئ أحلامي
و لا قوّات تتصدّى

الساعة الثالثة و الربع
القصيدة تحتفل بعيد ميلادها
استغلالا ً للوقت
و تحسّباً من صاروخ ٍ مفاجئ


إسرائيل تكتب عناوين الجرائد ونشرات الأخبار والأخبار العاجلة
وتحدّد تغيّرات البورصة وسعر برميل النفط
ًوكميّة الدماء والدموع المذروفة يوميا ً
وسعر الإنسان العربي
مسؤوليّات إسرائيل كثيرة .. كان الله في عونها


الساعة الثالثة و ثماني و عشرون دقيقة
إيقاف مؤقّت للقصيدة .. لمحاولة النوم
تستأنف لاحقا ً .. إذا شاءت إسرائيل


الساعة التاسعة و ثلاثة عشرة دقيقة صباحاً
الصّداع الذي كان يلازمني ليلا ً يصحو معي
في ليلة ٍ تشبه السبع ليالي السابقة
يملؤها كلّ شيء إلا النوم


الساعة الثانية عشر وعشرون دقيقة
الطائرات الإسرائيليّة ما زالت تحتلّ الغيوم
والصّداع ما زال يحتلّ رأسي


لدى إسرائيل نوعٌ من المضادّات يبطل مفعول البانادول
ومفعول أحلام اليقظة الطويلة المدى
ومفعول الأمل


خطر لي بأن يكون البانادول من صنع الولايات المتحدة
أو بريطانيا
و قلت: ربّما لذلك يتحالف مع إسرائيل ضدّ رأسي
لكن بعد الفحص والتدقيق، تبيّن أنّه من صنع إيرلندا
وأنا لست على علم بمواقفها السياسية
فلا أدري سبب المؤامرة إذاً


إسرائيل تدير حياتي اليوميّة .. و تتحكّم بتفاصيلها
ترغمني على البقاء في المنزل
تقطع الكهرباء عنه
تجفّف المياه
تقطع خطوط الهاتف
تمنع الإنترنت
تتسرّب إلى رأسي
تدير أفكاري
وتتحكّم بمعدّل دقات قلبي


الساعة الواحدة إلا خمس دقائق
القصيدة تتألّم
وهذا دليلها الوحيد على أنّها ما زالت على قيد الحياة


الساعة.. لا أدري.. ليس مهمّا ً
إسرائيل ما زالت تحتلّ السماء
و أنا ما زلت أهذي

أتأمّل جسد القصيدة رويداً رويداً
فأكتشف بأنها ليست حقّا ً قصيدة
هي غارة نثريّة وهميّة فوق مدينة هذياني
أقرّر أن أستغلّ قدرتي على وقف إطلاقها
(قرار فرديّ لا يشاركني فيه أحد)
سوف أنهيها الآن لأحظى بفرصة رؤيتها كاملة
خشية أن تستعمل إسرائيل ضدّها الأسلحة المحرّمة دوليّاً
20/7/2006