Sunday, January 11, 2009

لا تصدّقنا يا محمود

نشرت في شباب السفير

إنّنا كاذبون
لسنا نشعر بشيء بتاتاً
هذا التعاطف الذي نمارسه
يجب أن يثير إشمئزازك
هذا التضامن
رخيصٌ جدّاً
أرخص من ثمن أجرة التاكسي
الذي نستقلّه كل يوم
نحو بيوتنا الآمنة
أرخص من ثمن علكةٍ
نفرقعها في أفواهنا
و نحن نتذمّر من الملل
لسنا نشعر بشيء بتاتاً
كلّ ليلةٍ
نطفئ التلفاز
كما لو نغلق بوابتكم عليكم
نغفو بسهولةٍ شديدة
و حين نصحو
نلقي نظرة سريعةً
على الرقم الجديد
و ننطلق إلى يومنا العادي
بسهولةٍ شديدة
لا شك أننا نتحدث عنكم
بحزن و أسى
بينما نشرب قهوتنا المسائية
في مكانٍ ما
قبل أن ننتقل للحديث عن أشياء أخرى
كغلاء أجور البيوت
و زحمة السير
و برودة الطقس
و لا شك أنه يصعب علينا
أن نستوعب ما أنتم فيه
لأن سماءنا خاليةٌ إلا من الغيوم
و بحرنا شديد الهدوء
و شوارعنا
فيها سيارات تتوقف أمام الإشارات الحمراء
و أناسٌ يمارسون رياضة الركض كل مساء
صعبٌ أن نستوعب
لأن أطفالنا لا يخافون إلا العتمة و العناكب
و دماؤنا لا نراها
إلا إن جرح أحدنا يده بسكّين المطبخ
و لأننا لا نرى دخاناً
غير ذاك المتصاعد من سجائرنا
و لأن أجسادنا لا ترتجف
إلا من بردٍ
نعالجه بمدافئنا الكهربائية

ما أكثر ما أنت وحدك
حين تصحو مرعوباً
من نومك القصير
و حين تحصي عدد الغارات
التي أخطأت منزلك
ما أكثر ما أنت وحدك
حين تحدّق في سقف الغرفة
لتتأكّد أنّه لا يزال
حاول أن تبقى يا محمود
ضع رأسك تحت الوسادة
و دندن أغنيةً ما
أو صمّ أذنيك بكفّيك
و انظر من خلف نافذتك المتصدّعة
نحو السماء
تمنّ شيئاً
و حاول أن تصدّق أنه سيحدث