Friday, December 17, 2010

خيبة

ضيقٌ شديدٌ في التنفّس

ضيقٌ شديد

ولا أملك قلباً أكبر من هذا الكون

ليتّسع لكلّ هذا الحزن

ولا أملك قصبةً هوائيّةً أوسع من هذي السماء

لأتنفّس جيّداً

عتمةٌ شديدة في العينين

ولا تكفي مئة شمسٍ أخرى

لأرى هذا الصباح

ألمٌ كثيرٌ من فرط الخيبة

وأحتاج مئات من سيّارات الشرطة

لتغلق الطريق المؤدّي من الدماغ إلى القلب

وملايين من العمّال

لإصلاح الحفر العميقة

في الطريق المؤدي إلى الرئتين

لو أعود بالزمن

لو أملك أن أعود بالزمن
لمررتُ قرب المقهى نفسه ذاك الصباح
من دون أن ألتفت إليك
ذاك الصباح
حين وقعت في الحب فجأةً
كما وقعت أليس في حفرةٍ عميقة
وكنت أجهل
مثلها تماماً
أنّي سأواجه وحشاً - ألماً
ذا عشرات الأيدي
الممتدّة نحو عنقي الضعيف

كنت أتألم

وأنا في التاكسي، أغمضتُ عينيّ
لكي لا أربط حبلاً وثيقاً بين الشوارع هذه
وبين قلبي المتألم
لكي أحرم ذاكرتي من متعة استحضار هذا الألم
لو مررت من هنا مجدّداً
أغمضتُ عيني لكي أغوص في العتمة
كما لو أنّ العالم كلّه لم يعد له وجود
كنت أتألّم
وكنت أردّد في قلبي "أريد أن أذهب إلى المنزل"
لم أكن أحتاج جدراناً وأرضيّة
كنت بحاجةٍ إلى منزلٍ منزل
في قاعة الإنتظار في المطار
كانت الذكريات تقوم باستعراضات فنية
في الهواء من حولي
كنت أحدّق الى مواعيد الإقلاع
وفي ساعتي البطيئة
وأردّد في قلبي "أريد أن أكون قريبةً من السماء"
ولم أكن أحتاج زجاج نافذةٍ وجناح طائرة وبضع غيوم
كنت أتألّم
وكنت بحاجةٍ إلى سماءٍ سماء.

في لحظةٍ واحدة

خيّل إليّ في تلك اللحظة
أنّ صوت المكابح
وصل إلى الجهة المقابلة من الكرة الأرضيّة
وأنّ تسارع دقّات قلبي
سيتسبّب بزلزال في المدينة
ورأيت إسمي في زاوية جريدةٍ ما
كعشبةٍ منسيّة في زاوية الطريق
ورأيت جسدي على متن طائرة في صندوقٍ خشبي
بلا عناء الحقائب
وبلا ملل الإنتظار في طابور جوازات السفر
ورأيت قلبي مقفراً من الدم والألم
أبيض أبيض
كزهرة غردينيا تفتّحت للتوّ
نظرتُ حولي
كنت لا أزال في مكاني
وفي الراديو
كانت الأغنية لا تزال تدندن
بصوتٍ خفيض.

هل ينتهي العالم؟


فجر عيد ميلادي -
أصحو فجأةً
بي رغبةٌ شديدة
لأن أقع في حبٍّ جديد.

*

عامٌ آخر يمضي
أفكّر:
كيف الثواني الصغيرة الصغيرة
تتراكم لتصبح عمراً.

*

أتذكّرها بين حينٍ وحين
الأيّام التي كنت أصحو فيها بحزنٍ شديد
ظننت أنه لن يزول أبداً.

*

حين تكون الأشياء جيّدةً
أفسدها
بقلقٍ أكيد
من أنها ستسوء مجدّداً.ً

*

هذا الموّال الحزين
الذي كان يُدمع عينيَّ عند سماعه
لماذا لا يفعل ذلك الآن
وبي رغبةٌ شديدةٌ في البكاء.

*

لكي أنقذ نفسي من رتابة الحياة
أسترجع أحياناً تلك السعادة الغامضة
في اليوم الأوّل لي في هذه المدينة.

*

لكنّ الحزن
كما الغبار
لا مهرب من تراكمه مجدّداً.

*

عناقنا الأخير
كان أقصر
من أن لا أفتقدك
فوراً
بعد أن غادرت.

*

أريد أن أصبح في الثمانين من عمري
وبالكاد أتذكّر شيئاً.

*

أعرف أنّي حزينة جدّاً
حين أحاول عبثاً
تذكّر آخر مرة شعرت فيها بالسعادة.

*

كم أمضي من الوقت
وأنا أفكّر
بأنه عليَّ أن أفكّر أقلّ قليلاً.

*

حين أشعر بالسعادة
أستغرب الأشياء التي كانت قبل قليلٍ
أسباباً لحزني.

*

كم أحسدهم
أولئك الذين لا يزالون يؤدّون الصلاة
بجدّية بالغة.

*

أتخيّل احياناً
السكون الهائل
الذي سوف يعمّ الأرض
حين ينتهي العالم.

*

حين أدرك أنّ العالم سينتهي
سأقترح عليك أن نمضي ما تبقّى من وقت
في ممارسة الحب.

*

وقد أذهب إليكم واحداً واحداً
وأخبركم أشياء لطالما أردت قولها.

*

وفي النهاية، سأقف على شاطئ البحر
في انتظار ما سيحدث.

*

هل أكون على قيد الحياة
حين ينتهي العالم؟

*

هل سينتهي العالم؟

 

Thursday, December 16, 2010

حدثني قلبي قال

ذلك اليوم

حين قتلتُ الفراشة عن قصد

لم أفكّر أنّي ربّما أقتل معها

فرحة طفل

كان سيلتقيها ذات صباح.



*



هل حقّاً تدعو الفراشات بالسوء

لمن يؤذيها؟



*



بي رغبةٌ

أن أعود إلى أوائل أيّام البشر

حين كان الكلام لم يُخترَع بعد

فلم يكن الحبّ يسمّى حبّاً

ولا الألم ألماً

ولم يكن أحدٌ يتحدّث عن ذلك.



*



ماذا يحلّ بأرواح الحشرات التي نقتلها؟

ماذا يحلّ بأرواح النباتات التي لا نعتني بها؟



*



بعد أن ماتت الصبارة

لم يعد ثمة ما أعتني به حين أعود إلى الغرفة

لم يعد ثمة من ينتظرني.



*



وحين كانت تحلّ عتمةٌ شديدة فجأةً

كنت أحسبها روح الصبارة

تحلّق بحزنٍ شديد.



*



حدّثني قلبي، قال:

لك عندي خبران

أحدهما مفرحٌ والآخر محزن

سألت: ما المفرح؟

قال: ذاك الحبّ لم يعد يعني لي شيئاً

قلت: وما المحزن؟

قال: ذاك الحبّ لم يعد يعني لي شيئاً

إيشيكاوا تاكوبوكو


  ليلة أرقٍ طويلة
يساعدني على اجتيازها
صديقي الجديد
شاعرٌ ياباني
ولد عام 1886

*

كم كان حزيناً في حياته
وكم أتمنى لو كنت أستطيع
في ذاك الوقت
أن أساعده أنا أيضاً
على اجتياز إحدى ليالي أرقه الطويلة


*

لماذا
يموت شاعرٌ بارعٌ إلى هذا الحد
بالسلّ
في السابعة و العشرين من عمره؟


*

لماذا يموت شاعرٌ بارعٌ إلى هذا الحد؟

*

كم تحزنني سيرته الذاتية
كم مرّة رغبت في عناقه

*

لو بقي حيّاً
هل كان سيكتب قصائد أكثر حزناً ممّا كتب؟
هل ثمّة قصائد أكثر حزناً ممّا كتب؟

*

هو الّذي كان فقيراً حدّ الجوع
كم أرغب بأن أتقاسم معه قوتَ يومِي

*

هو الّذي كان حزيناً حدّ تمنّي الموت
ترى هل ما عاد يشعر بالحزن الآن؟

*

ترى هل يفرح أم يحزن
لوعرف انّ قصيدةً
كُتبت عنه
بعد ثمانية و تسعين عاماً من موته

Wednesday, November 24, 2010

الإسرائيليّون

نشرت في شباب السفير



"إيه في أمل"

نشرت في شباب السفير مع تصميم لأمل كعوش


كم كنت بحاجةٍ في هذا الوقت بالذات

في هذا الأسبوع بالذات

حين شعرت فجأةً أني حقّاً في صحراء

حين أدركت مجدّداً كم لا زلت وحيدةً

حين عاود الحزن زياراته الصباحية والمسائية لي كصديقٍ حميم

كم كنت بحاجةٍ

إلى سببٍ بسيطٍ للسعادة

بسيط جدّاً

كأغنية جميلةٍ إلى هذا الحد


     سلطنة عُمان - أوكتوبر 2010 







Sunday, October 03, 2010

سأشتري حذاء رياضيا و أركض حول العالم

نشرت في ملحق النهار

كم كنتُ وحدي

1

 حذرٌ جدّاً

 تشعرني طوال الوقت

 بأنك متوقّفٌ أمام إشارةٍ حمراء

 في شارعٍ أوروبي

 أو أنك تعمل على تفكيك قنبلةٍ ما



 تمشي على أطراف أصابعك

 وتحرص على إغلاق الأبواب برفق

 تماماً كما لو كنت وحدي

 كما لو أنك لم تأت قطّ

2

 تقول:

 "صوتك... كأنك لست بخير"

 كأنك تعرفني جيّداً

 مستغرباً ذلك

 كأنّك لا تعرفني بتاتاً

3

 فلينته كلّ شيء

 لا أبالي حقّاً

 ليس ثمّة ما أفتقده

 كم كنت وحدي

 معك

4

 للمرّة الثالثة عشرة

 نتفق أن نلتقي

 للمرّة الأخيرة

5

 بعد اللقاء الأخير

 احتفظت بزجاجة النبيذ

 التي لم نشربها

 وادّعيت أننا سنلتقي ثانيةً

 أصبّر نفسي:

 كلّما عتقت

 صارت أشهى

6

 اللمبة الإضافية لم تجدِ نفعاً

 هل الغرفة معتمة حقاً هذا المساء؟

 أم أنه قلبي؟

7

 أتذكّر تفاصيل لقائنا الأخير

 بدفءٍ غامض

 
 هواء المكيّف

 باردٌ

 ويعيدني فجأةً

8

 ذلك اليوم

 حين رحلت

 انهمر مطرٌ غزير

 في شارع الحمراء

 غاسلاً فقط آثار أقدامنا

 أنا وأنت

9

 ضجيج الموسيقى

 لم يكن أعلى من صوت رأسي

 وجوههم المحيطة بي

 لم تكن أوضح من وجهك

10

 كم أحتاج أحياناً

 أن أخرج

 من العالم

 إلى غرفتي

11

 وفكرت بأني

 لو تناسيت ضجيج الموسيقى والأحاديث المحيطة بي

 وأغمضت عيني بشدّة

 لاستطعت أن أختفي من ذاك المكان

12

 وحين رأيت نجمة في السماء

 تمنّيت شيئاً

13

 ماذا لو متّ في حادث سيرٍ مريع

 في طريقي إلى العمل

 أو لو ارتكب الطيّار خطأً

 أثناء سفري الأسبوع المقبل

 لماذا لم أقترح عليك

 أن نلتقي مرّة واحدة بعد

14

 أحياناً

 يخطر لي أن أتصل بك

 لأقول لك كل الأشياء التي لم أقلها

 أو أن أطرق بابك فجأةً

 وأعانقك إذ تفتح الباب

 تماماً

 كما يخطر لي بين حينٍ وآخر

 أن أسقي هذه النبتة

 الميتة في أصيصها

 منذ شهور

15

 أيها الدماغ

 الذي لا يكفّ عن تذكّر يخنق لياليّ

 وعن صنع كوابيس تلاحق نهاراتي

 وعن تفكير يستنزف روحي المتعبة

 وعن صنع أحلام لا تتحقّق

 أيها الدماغ

 المتفاني في محاولاته لصنع القرارات الصحيحة

 والبارع، على رغم ذلك، باتخاذ الرديئة منها

 كم ستبدو مثيراً للشفقة

 ذات يوم

 حين تتناهشك حشرات القبر

 بنهمٍ كثير

 ولا تترك سوى جمجمة فارغة فارغة

***

الطائرة أقلعت بصعوبة

1

 الطائرة أقلعت بصعوبة

 كان يثقلها

 قلبي

 الذي يأبى الرحيل

2

 الوحدة

 أن أنتظر التاكسي ليلاً

 أن أنظر إلى الناس والأشياء

 من نافذة المقعد الخلفي

 وأفكّر في غرفتي الفارغة

3

 لو أعود عشر سنين إلى الوراء

 واقفةً أمام المنزل

 في انتظار الباص

 أتأفّف من حقيبتي الثقيلة

4

 كل مساء

 أقرّر أني في الصباح التالي

 سأخبرك أني

 لا أريد أن أراك مجدّداً

5

 كما منظّمة الأمم المتحدة

 كثيرةٌ قراراتي

 ولا أنفّذ شيئاً منها

6

 ما يحزنني حقّاً

 أني أصبحت

 قليلاً ما أفتقد شيئاً

 ونادراً ما أستمع إلى الموسيقى

7

 ما الفائدة

 لو أخبرتك غداً

 أني أمضيت ليلةً سيّئة

8

 ذات يوم

 كما "فورست غامب"

 سأشتري حذاءً رياضياً جديداً

 وأركض في رحلة حول العالم

9

 ليست الغربة

 ولا الوحدة

 ولا أيّ شيء من هذا القبيل



 ترعبني فكرةٌ واحدة فقط:

 أن أعود ذات يوم

 ولا أجدكم

10

 قرّرت الآتي:

 حين يطلع الصباح

 سأستقلّ أوّل حافلة

 وأذهب إليك

11

 محزنٌ

 أن ليس ثمّة من يضع كفّه

 على جبيني

 ليتفقّد حرارتي

 وأنا أرتجف

12

 غداً

 حين أصحو

 كلّ شيء سيكون أفضل

عن الأرق مجدّداً

نشرت في فلسطين الشباب

 أضواءٌ صغيرةٌ

 بحجم بؤبؤ العين

 تصبح أكثر ما في الغرفة وجوداً

 وتكون المفارقة أننا الآن نلاحظها جيّداً

 الغرفة بالأبيض والأسود

 نقلّبها يمنةً ويسرة

 تماماً كما الأفكار التي في رؤوسنا

 تماماً كما آلامنا

 التي فجأةً

 ينبت لها جذور

 وتمتد لها أغصان

 ويكون علينا أن ننتظر طويلاً

 طويلاً جداً أحياناً

 وعلينا أن نتحلّى بالصبر

 وأن نحاول جدّياً

 التفكير بأشياء جميلة

 لا لكي تساعدنا على النوم

 بل لكي نجتاز الليلة بأقل ضررٍ ممكن:

 سترة نجاةٍ في طائرةٍ تسقط

 خوذةٌ في حادث درّاجةٍ نارية

 وعلينا أن ننتظر قليلاً بعد

 آملين أن نغفو

 ريثما يستعيد العالم ألوانه مجدّداً.

عن الوداع

نشرت في فلسطين الشباب


العناقات لا تكفي أحياناً

 ولا الكلام الكثير

 ولا الصمت الكثير

 الذي، مثقلاً بالقلق من الآتي،

 يلقي بنفسه فوق الصدور

 كصخرةٍ عملاقةٍ سقطت من علو

 كصندوقٍ حديديّ ألقي في بحر

 والدموع لا تنفع كذلك

 ولا الملامح الغائمة التي

 في اللحظات الأخيرة

 تصنع شكل الوجوه

 ولا شيء يبقى

 سوى ذلك النقصان

 الذي بعد ثوانٍ سيملأ المكان

 كبابٍ يغلق على مهلٍ

 كمقعدٍ فارغٍ في مقهى

 كسيّارةٍ تدير محرّكها

 وتمضي بعيداً بعيداً.



Wednesday, July 28, 2010

حين يعبرونه

نشرت في شباب السفير



و لشارع الحمراء قدرات إلهية

يحتفظ بها في سرّه

ينصت إلى صلوات أرواحنا

و يستجيب إليها دون أن نطلب ذلك

ولهذا نشعر أحياناً بفرحٍ غامضٍ يعبرنا كبرقٍ مفاجئ

تليه أمطارٌ من السلام

تتساقط بغزارةٍ في داخلنا

*

كلّ مساءٍ يترصّد العشّاق العابرين

ويباركهم واحداً واحداً

ولذلك يسري فجأةً كثيرٌ من الدفء بين الكفوف المتعانقة

ولذلك تلمع فجأةً عيونٌ كثيرة

*

بينه و بين الوحيدين الكثير من الأسرار أيضاً

حين يعبرونه

تمتدّ ذراعٌ خفيّةٌ لتحيط بأكتافهم

وتتكوّن حول قلوبهم

هالةٌ من ضوءٍ دافئ

*

ولشارع الحمراء روحٌ ينفخ منها في روح كلّ عابرٍ

ولذلك نشعر فجأةً بالكثير الكثير من الحياة

يراقب تعابير وجوهنا واحداً واحداً

و يمدّ كفّه الخفيّة ليسحب الحزن من أرواحنا

*

ولشارع الحمراء قدراتٌ إلهيةٌ

تستطيع أن تعبر جميع المدن و البحار أيضاً

ينصت إلى صلوات أرواحنا عن بعد آلاف الأميال

ولذلك تلمع فجأةً في قلوبنا المتعبة ذكرى جميلة

ولذلك تبتسم فجأةً الكثير من الوجوه البعيدة