Saturday, December 24, 2011

من وحي الهايكو

نص مشترك مع حسين العبري


سكون



ينهش الدود عيني
وأنا لا أتحرك،
في القبر.

*
         
وحدي



ليل،
مقهى،
أبدّل مقعدي لأواجه القمر.

*

إنتظار



في انتظارها
كوب القهوة ممتلئ
القلب فارغ.

*

رياح



رياح خفيفة،
سحابة تائهة،
ينفرج طرفا عباءتها.

*

نشرة الطقس



السماء صافية في الخارج..
في قلبي
الجوّ غائم.

*

في الطّريق



في الطريق،
سيارة ذاهبة
سيارة قادمة.

*

حصار



سورٌ حول المقبرة –
هل صوت الموتى
يصل أخفض؟

*

عتمة



البحر أسود،
السّماء حالكة –
القمر مختبئٌ خلف غيمة.


Thursday, October 20, 2011

في شارع الحمراء سرّ ما

نشرت في شباب السفير


أعود إليه بعد وقت طويل
قلقة من ألاّ يعرفني
فيعطيني إشارة ما:
كأن ألتقي بالصدفة وجهاً أعرفه
أو أذهب إلى مقهى
فأجد مقعدي المفضل في انتظاري


أحتار أحياناً:
هل لي ذكريات فيه
أم له ذكريات فيّ؟
هل هذه الّتي تتدفّق من كلّ مكانٍ فجأةً
ذكرياتي
أم ذكرياته؟


لماذا هذا الحزن كلّما غادرت؟
كأنّ روحي تكتمل إذ أعود
وتنقص مجدّداً
إذ أرحل


كيف رغم تراكم الذكريات
في نفس الأماكن
عاماً بعد عام
كيف أسترجع كلّ ذكرى بوضوح
كما لو أنّها الوحيدة؟


هو لا يُنسيني همومي حقّاً
يسرقها منّي لبعض الوقت فقط
تأخذ مؤقّتاً
شكل لوحة معلقة على حائط في مقهى
أو شكل شجرة
تقف بحيادية
على طرف الرصيف


فيه غموض رجل سبعينيّ
يرفض أن يروي ذكريات حياته لأحد


فيه وضوح نظرة حبًّ
بين عاشقين جديدين


فيه فرحة طفل بلعبةٍ جديدةٍ
وحزن شحّاذٍ
يغفو على بلاطٍ بارد


فيه أسئلة كثيرة
كأسئلتنا عن الوجود
لا تُجاب


سرّ ما
يجعلني حين أعود إليه بعد وقتٍ طويل
أشعر أنّي
بالأمس فقط
كنت هناك


سرٌّ ما
يجعلني كلّما غادرت
أتأمّله بحزنٍ
كما لو أنّها المرّة الأخيرة

Saturday, September 10, 2011

دمشق

نشرت في ملحق النهار


(إلى هالا محمّد)
 
 
لم نكن نعرف أنّ دموعنا الّتي سقطت ذاك اليوم
كانت أشبه بحدسٍ مبكرٍ
لحزنٍ سيجتاح المدينة بعد حين
وعدتك حينها أنّ كل شيءٍ سيكون على ما يرام
لم أكن أعرف أنّ فراشاتك الملوّنة
الّتي كانت تحلّق حولنا
ستهشّم في مجزرةٍ جماعيّةٍ
يرتكبها أولئك الّذين لم يتأمّلوا يوماً في أرواح الفراشات
ولم يعرفوا من الألوان إلّا ما يصنعونه من أحمر الدّماء
*
كانت ابتسامتنا للكاميرا حقيقيّة
لكنّ من يحدّق جيّداً في الصّورة
يرى اللمعة في عيوننا
من أثر الدّموع

حين غادرنا
اعتقدنا أنّ المدينة تبتسم أيضاً
لعلّنا فقط
لم نحدّق جيّداً
*
لكنّ دمشق ليست لهم
دمشق لبائع الأفلام المتجوّل قرب فندق الشّام
دمشق لبائع الترمس والذرة في الصّالحيّة
*
دمشق
كأس نبيذٍ في باب توما
وصوت فيروز
يصدح من محلّ ثيابٍ في شارع الحمراء
*
دمشق
زحمة سوق الحميديّة
وسيّارات التاكسي الصّفراء في كلّ مكان
*
الكابوس ليس ما نراه أثناء نومنا
الكابوس
ما نراه أثناء صحونا
ولا نصدّق أنّه يحدث
*
لكنّ الخوف
لم يعد عُملة للتداول في المدينة
*
والفراشات
إن وضعوها في سجنٍ
ظلّت تحلّق بحثاً عن نافذةٍ

وإن أغمّوا عينيها
ظلّت تحلم بالضّوء
*
الأرواح
لا تكبّل بالأصفاد
*
الأحلام
لا تُقصف بالدّبابات
*
المدينة لن تكون بلونٍ واحدٍ كما يريدون
المدينة
ملوّنة ملوّنة
كالفراشات
*
قد لا أعدك الآن أنّ كلّ شيء سيكون على ما يرام
لكنّ الأسطورة تقول
أنّ الفراشات إذ تموت قتلاً
تعود أرواحها لتنتقم
وأنا أؤمن بذلك

Saturday, August 20, 2011

لست على جزيرة

 نشرت في ملحق النهار


يومٌ سيّء

ورغبةٌ للفّ العالم في سيجارة واحدة

وتدخينه إلى أن يغدو رماداً



*



الإعتذار بعد الخطأ لا يجدي دائماً

معظم الأحيان

بعض الصّمت

وبعض الوقت

أكثر بلاغةً



*



رغبةٌ برمي العالم

في حاوية النفايات

والمضيّ نحو وجهةٍ جديدة



*



الإعتذار للّه

في يوم القيامة

قد لا يجدي أيضاً



*



أرسل إعتذاري في رسالةٍ هاتفيّةٍ

قلبي يخفق بسرعةٍ

في انتظار الجواب



*



من القلق ومن الخوف ومن الّتعب

يخفق القلب بسرعةٍ أيضاً

لماذا إذن

معظم الأحيان

نربط خفقاته بالحبّ؟



*



هل كتابة قصيدة من أجل الإعتذار

تجعل احتماليّة قبول الإعتذار

أكثر ارتفاعاً؟



*



هل سيصرخ كلّ منّا يوم القيامة

وهو مكبّلٌ من يديه

ومنساقٌ إلى جهنّم:

"بريء..

أقسم أنّي بريء"



*



ولا ينفع الإعتذار لسمكةٍ

بعد اصطيادها

أو لقتيلٍ

بعد دهسه

أو لحبيبة

كُسِر قلبها مراراً



*



رغبةٌ بتفجير العالم

بقنبلةٍ نوويّة هائلة القدرات



*



سعيدة بقلبي

الّذي لم يزل يشعر بالذنب وبالألم

حين يخطئ



*



لست على جزيرة

ولم أرسم وجهاً على كرةٍ لأصنع صديقاً

لكنّي كثيراً ما أشعر

كما توم هانكس في

“Cast Away”



*



هل تشاؤمٌ

أن أفكّر في بداية حبّنا

بأنّي سأحاول أن أحبّك أقلّ الآن

لكي أتألّم أقل لاحقاً؟



*



هل غباءٌ

في بداية حبّنا

أن أقرأ لك المقطع السّابق؟



*



سعيدة لأن الّله خبّأ القلب عن النظر

سعيدة

لأنّك لا تستطيع أن ترى

كلّ تلك الندوب



*



 كم من الأخطاء تتّسع

أطول حياة بشريّة

على وجه الأرض؟



*



هل سأكون على قيد الحياة

حين يكتشفون سرّ ما يحدث بعد الموت؟



*



هل سيكتشفون سرّ ما يحدث بعد الموت؟



*



سعيدة بقلبي

الّذي وجد لنفسه موسيقى

لا يملّ من سماعها



*



صديقي الّذي يعيش في القدس

وصف لي

كيف أنّه لا يستطيع بتاتاً

أن يعيش خارجها



*



ثمّة فرقٌ كبير

بين كلمتي "يقطن"

و"يعيش"



*



حزينةٌ لسببٍ لا أعرفه

أتمنّى أن يصلني خبرٌ جيّدٌ

على الفور



*



هل تحزن حين لا أتّصل

كما أحزن

حين لا تتّصل؟



*



ماذا لو اتّصلتُ بك

ولم تجب؟

قلبي الآن لا يحتمل

ذلك الصّوت المتقطّع

والطّويل والقاسي

كالمسافة الّتي ما بيننا



*



تمّ قبول اعتذاري بنجاح

رغم ذلك

وربّما بسبب ذلك

أصبحت أشعر بالذنب أكثر



*



وحين جاءت أغنية مفرحة

أوقفتها

ووضعت واحدةً حزينة



*



رغبةٌ في ركل العالم

ككرة قدمٍ

إلى مكانٍ بعيد



*



أحزن المصابيح

تلك الّتي انطفأت

ولم ينتبه أحد قط



*



أجمل الأغاني

تلك الّتي نتمنّى لو لا تنتهي



*



محدّقة في ورود الإناء الميتة

تحصين عدد الصداقات الّتي ذبلت

أمام عينيك



*



لو تشتري لي

إناء زهورٍ جميلاً

في عيد ميلادي



*



كأنّي سمعته يلهث

الوقت

الّذي لم يتوقّف قط



*



أغنيةٌ طويلةٌ

كما هذا الّليل



*



ليلٌ شديد القساوة

كصلاةٍ

لا تستجاب



*



ما أحتاجه الآن فقط

بعض أزهار الجاردينيا

الّتي للأسف

لا تنبت في هذه المدينة



*



أشعر برغبة الإستقالة من العمل

وإمضاء الوقت

في تشذيب الزّهور

في حديقة منزلي الزجاجيّ الكبير



*



أجمل ما في الشّعر أيضاً

أنّك تستطيع، مجازاً،

امتلاك منزل زجاجيّ كبير

والإستقالة من العمل قدر ما تريد



*



صلاةٌ

لا تستجاب

كليلٍ شديد القساوة



*



ليلٌ شديد القساوة

كقلبك

الّذي لم ينبئك أن تتّصل



*



صورة عبد النّاصر

بالأبيض والأسود

تثير فيّ حنيناً إلى زمنٍ أجهله



*



بين كلّ الّذين أعرفهم في الحياة

وفي الفايسبوك

أعرف شخصاً واحداً

لا يحبّ فيروز



*



لو قرأ قصيدتي رجلٌ من القرن التاسع عشر

هل كان ليفهم شيئاً؟



*



لو يمكننا أن نبقى

إلى الأبد

في بداية الحبّ



*



هل ذاك الموّال لم يعد يبكيني

لأنّني مللته؟

أم لأنّ قلبي أصبح أكثر قساوةً؟



*



يعود إليّ ذاك الشّعور

حين ودّعتك منذ وقتٍ بعيد

حزينةٌ لأنّ روحي تتألّم إذ تتذكّر

كما لو أنّك رحلت توّاً



*



جروحٌ كثيرةٌ ظننتها شفيت

أحداث كثيرة

ظننت أنّي نسيتها



*



عتمة الّليل

ضوءٌ على الجروح



*



الشريط الإخباري

أسفل الشاشة

يلهث كذلك



*



لا يكفي الآن بتاتاً

أن أصنع

بنقطتين وقوس

وجهاً حزيناً على الشاشة