Friday, November 25, 2016

Directional Dyslexia

في كوابيسي
أكون في مكانٍ غريب
تائهةً بين مصاعد
وممرات طويلة

في الحياة
أجد صعوبةً في الوصول إلى الأماكن
آخذ طرقات خاطئة طيلة الوقت
أضيع بسهولةٍ
حتّى في الأماكن المألوفة

الخوف ذاته
في الحالتين
وكم أخشى
أن يكون ذلك
شكل الجحيم
الّذي ينتظرني
في الحياة الثانية

لا مهرب

ذات يوم سوف يحدث الزلزال. لا مهرب من ذلك. ستنهار الطوابق الّتي بنيتها عاماً بعد عام.. الأفكار والذكريات والأحلام والهموم ستتساوى كلّها بالأرض. وسوف يتذكّرني الآخرون أحياناً: "هنا كانت"، سيقولون.. ثمّ سيستمرّون في حيواتهم..
حياتي ناطحة سحابٍ بثلاثين طابقاً.. أبنيها برفقٍ أحياناً، وأحياناً بتهوّرٍ حاد..
وذات يوم وأنا في منتصف بناء طابقٍ ما، سوف يحدث الزلزال..

لا مهرب من ذلك..

إلى هالا محمد

دخلنا إلى الكنيسة معاً
ولم نتحدّث قبلها
ولا بعدها
عمّا نؤمن به..
أضأنا شمعتين
وتمنّينا شيئاً..

كنت واثقة
أنّ أمنيتنا
واحدةٌ
رغم أنّنا
لم نتحدّث قبلها
أو بعدها
عن ذلك

الشّمعتان
لا بدّ أنّهما انطفأتا
بعد ذلك بقليل..
لكنّنا كنّا واثقتين،
رغم أنّنا لم نتحدّث عن ذلك،
أنّ أمنيتنا
وصلت
إلى إلهٍ ما
في مكانٍ ما
وأنّها في طريقها
إلى التحقّق..




عبر الهاتف

عبر الهاتف
:يصلني صوت البحر في حيفا
سببٌ كافٍ لأفرح 
نهاراً كاملاً
سببٌ كافٍ
لأحزن
نهاراً كاملاً

الأحلام

الأحلام
كأنّها أضواء المدينة
لا بدّ أن أحداً ما
يسهر لإطفائها
في الصّباح الباكر

كل يوم

كلّ يوم
أنتظر مرور اليوم
غير مدركة
أنّي أنتظر
انتهاء حياتي

خبرٌ سعيد

خبرٌ سعيدٌ واحدٌ
ينقذني الآن
خبرٌ بسيطٌ
مثلاً عن فأسٍ حاولت أن تصيب شجرة
ولم تنجح
أو مصباح 
انطفأ وحده
كي لا تحترق الفراشة
أحتاج خبراً سعيداً
واحداً فقط
ينتشلني
ثمّ يقدّم لي حساءً دافئاً
ويسمح لي بأن أمضي الّليل عنده
هذه الّليلة 
فقط

القاهرة - 2012

المصاعد قديمةٌ
وترتعش كجسدٍ عجوز
الشوارع مزدحمةٌ
وثمّة من "الفرد" الواحد كثيرون
:المعادلة بسيطة
لو متّ، ثمّة غيرك
في القاهرة أنت لست أنت
أنت أيّ أحد

ليت الألم

ليت الألم
كان صوتاً
يصدر من راديو قديم
أرميه من نافذة البيت
عن الطابق الواحد والعشرين
فينكسر إلى الأبد

إلى تشارلز بوكوفسكي


لو أنّك ما زلت حيأً
لسألتك:
قل لي كيف أكون مثلك..
كيف لا أبالي بشيٍ
وأبالي بكلّ الأشياء
في وقتٍ واحد؟
كيف أمسك القصائد بيدٍ
وزجاجة البيرة بالأخرى
وأقرأ الشعر
دون القلق من رهبة المسرح؟
كيف أنتقل من وظيفةٍ إلى أخرى
ثمّ إلى أخرى
ثمّ إلى غيرها
أو أكون عاطلةً عن العمل
دون مبالاة؟
لو أنّك ما زلت حيّاً
لسألتك
قل لي
كيف أعبر، بيأسٍ
ومن دون يأسٍ،
هذي الحياة؟


عن المدن

للمدن مثلنا
أمزجةٌ وطباع
بعضها يصحو باكراً
بعضها لا ينام إلّا متأخّراً..
بعضها يأخذ قيلولةً وقت الظهيرة
لكي لا يطيل السّهر ليلاً..
بعضها مصابٌ بأرقٍ مزمن
ويفكّر، من وقتٍ إلى آخر،
بالإنتحار

السّاعة الثانية بعد منتصف الّليل

يدك تداعب شعري
إلى أن أغفو
رأسي على صدرك
خالٍ من الأفكار المقلقة
قلبي سعيدٌ كطفل

السّاعة الثانية بعد منتصف الّليل
كلّ ذلك يحدث
في خيالي فقط.

الّذين لا يأبهون بالموت


أحسدهم
أولئك الّذين لا يأبهون بالموت..
فأنا لست منهم:
أطلّ من النوافذ والشرفات بحذرٍ
خوفاً من وقوعٍ عن طريق الخطأ
أقفل باب بيتي بالمفتاح
وأنظر من عينه
أخاف،
إذا سمعت صوتأ غريباً،
من لصّ
يسرق حياتي..
أقود السّيارة على مهلٍ..
أخاف أن أًصبح جثّةً في الشارع
يبحثون عن هويّةٍ لها..

أحسدهم
أولئك الّذين لا يأبهون بالموت
وهم على الأرجح
يحبّون الحياة
أكثر منّي.

طب

ليت الأطبّاء كانوا كما اللّه
يدركون الغيب
لكي يفسّروا لي
كلّ هذا الألم

ليت الّله كان طبيباً
فلا بدّ أنّ كثراً مثلي
يحتاجون إلى قدراته الخارقة

Wednesday, July 27, 2016

بين ليلةٍ وضحاها

أجدهم دوماً، بالصّدفة، في الإنترنت
أو التلفزيون
أولئك الّذين تغيّرت حياتهم جذريّاً بين ليلةٍ وضحاها
 مثلاً الرّجل الّذي قرّر أن يصبح صحيّاً فجأةً
فخسر 40 كيلو من الوزن الزائد
وأصبح لديه من العضلات ما يفخر به
أو المرأة الّتي اكتشفت انّها تكره عملها في المكتب
فاستقالت وقرّرت أن تحترف اليوغا وتدرّبها للآخرين
أو أولئك، ولا بدّ أنّكم تعرفون أو صادفتم أحدهم،
الّذين يقرّرون أن يغادروا مكاناً قضوا فيه كلّ حياتهم
وأن يبدأوا الحياة في مدينةٍ جديدة
غير مبالين بمخاطر التغيير
أجدهم دوماً وأعترف أنّهم يذهلونني
ويأخذون حيّزاً لا بأس به من تفكيري
ولذلك أقول لنفسي
لا بدّ أنّي سأصبح منهم ذات يوم
فأحتفي بنفسي بفخرٍ
ويحتفي بي الآخرون

وكلّ يوم
أنتظر
حدوث ذلك.

Friday, March 18, 2016

شام

كان أبي يوقظني فجأةً
في يوم العطلة
في السّادسة صباحاً
لنذهب بالسّيارة
إلى الشّام
نافذتنا الوحيدة
نحن
حاملي وثائق سفر اللاجئين
العاجزين عن الذهاب بسهولةٍ
إلى أيّ بلاد
ولم يكن الأمر،
لفرط زياراتنا،
يحتاج تخطيطاً..
وقد أصبحنا أصدقاء أصحاب الفندق
حيث كنّا نسكن
ونادلي المطعم
والبائعين

اليوم
يؤلمني شعورٌ بالفقد
تؤلمني الطرقات والأزقّة
تؤلمني البيوت
والمقاعد الخشبيّة
وأشجار الياسمين
تؤلمني نشرة الأخبار
تؤلمني الأغاني كلّها
والذكريات..
تؤلمني قصائد نصري* عن شام
شام ذات الأعوام القليلة
الّتي ذات يوم
ستفهم اسمها جيّداً
فتفرح وتحزن كثيراً..
شام ذات العينين الخضراوين
الفلسطينيّة السوريّة
التي ستحتار أيّ الوطنين
تفتقد أكثر..
شام الّتي سأحلم لها
أن يوقظها أبوها
مثلي
فجأةً
في السادسة صباحاً
ذات يومٍ قريبٍ
للذهاب معاً إلى الشام


* شام هي ابنة المخرج الفلسطيني نصري حجاج

Psychopaths

بعكس ال psychopaths
الذين لا يتعاطفون مع أي حدثٍ
مهما كان مؤلماً
بعكسهم
أتعاطف مع الجميع
فمرةً رأيت أشلاءً في التلفاز
فبقيت أحلم بها عاماً كاملاً
ومرةً رأيت فيديو لرجلٍ يعذّب كلباً
فأصبح لدي رغبة بأن أحضن كل كلب
أصادفه في الطريق
وحين أرى غابة تحترق
اتألّم ألم الأشجار المحترقة
والأعشاب الصغيرة
التي لم تأخذ فرصتها لتكبر
وإن رأيت نملةً على الأرض
وأنا أسير في الحديقة
أمر
ّ من فوقها بحذرٍ
كي لا يصيبها مكروه
وحتى حين تقع الأشياء في البيت
عن طريق الخطأ
كالوسادة مثلا 
أحملها برفقٍ وأعيدها إلى مكانها
كما لو اعتذار
ولذلك حين افكر بالحروب التي تعمّ العالم
بالناس الذين يقتلهم الجوع
ان لم تفتّتهم قذيفةٌ أو صاروخ
أتساءل هل قلوبنا كلنا مصنوعة من المادة نفسها
أم أنّ جميع من يديرون العالم
هم
psychopaths في نهاية الأمر


حين تمطر في الصحراء

حين تمطر في الصحراء
يستنفر السكّان:
فالحدث استثنائي..
يقلقون ويفرحون في آنٍ معاً
كما في "السعادة.. أو سلسلة انفجارات هزّت العاصمة"*..
يتناقلون الصّور والأخبار
كما لو أنّه المطر الأوّل
كما لو أنّه المطر الأخير..

حين تمطر في الصّحراء
ينهض الموظفون عن مكاتبهم
ويقترب الجميع من النوافذ:
فرصةٌ للخروج من سجن يومهم الإعتياديّ..

الأطفال يبكون خوفاً
رغم أنّهم لا يعون
فكرة انتهاء العالم

الأمّهات قلقات على أبنائهن
والأبناء على أمّهاتهم
والعشاق على بعضهم:
العاصفة فرصة
لإيقاف الزمن السّريع
لبعض الوقت

أمّا المدينة فهي سعيدةٌ بظهورها في الأخبار
أكثر من العادة
لكنّها تحصي الأضرار التي أصابتها
في سبيل ذلك

أبوظبي، 2016

*"السعادة أو سلسلة انفجارات هزّت العاصمة" هي رواية للكاتب الفلسطيني سامر أبو هواش




إلى رشا حلوة


صدقيني
إنني أحاول كلّ يومٍ
لكن
من دون جدوى

ربّما لأنّني لا أمشي
في الشوارع بما يكفي..
فالمدينة حارّة معظم الوقت
والشوارع مصمّمة لمرور السّيارات
وحسب

وحتّى حين أتجوّل في الحدائق
أبحث من دون جدوى كذلك
فعمّال النظافة لديهم تعليمات
أن لا يتركوا أيّ شيءٍ زائدٍ عن المكان

والأشجار والورود
مشذّبةٌ لدرجة أن لا نعرف الفرق
بين الحقيقيّة منها
والإصطناعيّة

وطبعاً ليس منطقيّاً
أن أبحث في المراكز التّجاريّة الضخمة
فالهدف أن أجد ما صنعته الطبيعة
بنفسها فقط

لكنّني،
رغم أنّي قد تعبت حقّاً،
لن أتوقّف عن البحث
فلا بدّ أن أجد
ذات يوم
قلباً واحداً حقيقيّاً
في الشارع