Friday, May 29, 2020

يا أبي


الأخبار في التلفاز
تستمرّ
من دونك يا أبي
العالم تدور أحداثه
من دونك
من أناقش هذه الأمور الآن؟
مع من أتحدث في السياسة؟
مع من أنتظر كرة القدم؟
مع من أستمع إلى الزجل
وأم كلثوم؟
من يقاسمني الطريق
من بعدك
يا أبي؟
*
كيف أصبح شارع الحمراء
في ليلةٍ واحدة
شارعاً للألم؟
كيف صارت بيروت
مدينةً للحزن؟
كيف نغادر بيروت الآن؟
كيف نحتمل الطريق وحدنا؟
كيف ندخل
إلى البيت
من دونك؟
*
الطريق
طويلة
لكن
السماء ساحرة الألوان
والبحر هادئٌ هادئ
*
الألم
أن أريد استرجاعك
لحظةً
لأقول لك كلمةً واحدة
ولا أقدر
أن أفكر فجأةً بسؤالٍ
لا يعرف إجابته
أحدٌ سواك
أن أودّ الذهاب الى الغرفة المجاورة
لأقول لك شيئاً عاديّاً
ولا أستطيع
*
شعورٌ بالفقد
يفتك بي:
هل يستمرّ هذا الألم
إلى ما لا نهاية؟
كيف أشفي أمّي من وحدتها؟
ماذا أقول لسامي ويارا وليا؟
كيف نجتمع عائلةً
وأنت تنقصنا
يا أبي؟
*
الساعة الثانية
بعد منتصف الليل
مضى يومٌ إلا ساعة
على رحيلك
ولم أنم بعد
كيف أغفو
ولست في البيت؟
كيف أنام
ولم أقبّل خدّك؟
كيف لن أسمع قدميك
في الصباح؟
كيف لن أسمع صوتك
مرةً أخرى
أبداً أبداً؟
كيف أعرف أنك في ضريحٍ باردٍ
وأغفو
يا أبي؟
*
نم عميقاً يا حبيبي
لن نوقظك من قيلولتك اليوم
حلّق كما تشاء
كن حرّاً كما تريد:
بعد الآن
لا وثيقة سفر
تمنعك
سأراك في البحر والسماء
والغيوم والشجر والنجوم
سألامسك في الهواء
نسمةً نسمة
أقبّلك
كما كلّ ليلةٍ
قبلةً أخيرةً هذه المرّة
تصبح على خير
يا بابا

28/1/2020


No comments: