Thursday, June 14, 2012

ثورة الأحلام البسيطة

نشرت في شباب السّفير

( إلى أ.م )

صديقي يدخّن السجائر بشراهةٍ، ويحبّ شرب العرق من وقتٍ إلى آخر.. لصديقي أحلامٌ بسيطةٌ جدّاً..هو فقط يحبّ أن يقول ما يشاء وقت ما يشاء.. له أصدقاء كثر، أحلامهم بسيطة كذلك.. هم أيضاً يودّون فقط أن يقولوا ما يشاؤون..
ذات يوم، قرّروا.. فاشتعلت ثورتهم.. واشتعلت حربٌ لإسكاتها.. مات بعضهم من أجل تلك الأحلام البسيطة.. صديقي يقول أنّه هو الآخر قد يموت قريباً.
صديقي يدخّن السجائر بشراهةٍ ويحبّ شرب العرق.. كان له قلبٌ طيّب، لكن حين مات أصدقاؤه الطّيبون، بات يكره العالم.. صديقي كان يحبّ الشعر والموسيقى ذات يوم.. غير أنّه، حين يكون الموت قريباً، لا يعود ثمّة وقتٌ لذلك.. صديقي، كل مساءٍ، يحصي عدد أصدقائه الّذين ما زالوا..
صديقي كان له لونٌ مفضّل لم يعد يتذكّره.. وكان الشّتاء وقته الأحبّ كلّ عام..غير أنّه، منذ بدأ القتل في البلاد، بات لا يلاحظ تعاقب الفصول.. المبالاة بالطّقس رفاهيةٌ..
صديقي كان يلتقي حبيبته في أروقة المدينة.. كان ينتظر أن تغفل عنهما عيون المارّة ليسترق عناقاً سرّيّاً أو لمسة يد.. صديقي يمرّ الآن في ذات الأماكن وحيداً وخائفاً.. رجفة تعبر يديه.. ذات اليدين الّلتين كانتا تتوقان للحب ذات يوم..
صديقي كان يقرأ كتب الفلسفة.. كان يجلس لساعات على شاطئ البحر متحدّثاً عن "نظريّة الشك"، بعينين تلمعان باليقين.. صديقي الآن لم يعد يؤمن بأيّة نظريّات.. ولم تعد عيناه تلمعان...
صديقي يدخّن السجائر بشراهةٍ ويحبّ أن يشرب العرق من وقتٍ إلى آخر.. لصديقي أحلامٌ بسيطةٌ..هو فقط يودّ أن يقول ما يشاء وقت ما يشاء..
صديقي يحصي عدد أصدقائه الّذين ما زالوا.. ويقول أنّه هو الآخر قد يموت قريباً..