Sunday, October 03, 2010

سأشتري حذاء رياضيا و أركض حول العالم

نشرت في ملحق النهار

كم كنتُ وحدي

1

 حذرٌ جدّاً

 تشعرني طوال الوقت

 بأنك متوقّفٌ أمام إشارةٍ حمراء

 في شارعٍ أوروبي

 أو أنك تعمل على تفكيك قنبلةٍ ما



 تمشي على أطراف أصابعك

 وتحرص على إغلاق الأبواب برفق

 تماماً كما لو كنت وحدي

 كما لو أنك لم تأت قطّ

2

 تقول:

 "صوتك... كأنك لست بخير"

 كأنك تعرفني جيّداً

 مستغرباً ذلك

 كأنّك لا تعرفني بتاتاً

3

 فلينته كلّ شيء

 لا أبالي حقّاً

 ليس ثمّة ما أفتقده

 كم كنت وحدي

 معك

4

 للمرّة الثالثة عشرة

 نتفق أن نلتقي

 للمرّة الأخيرة

5

 بعد اللقاء الأخير

 احتفظت بزجاجة النبيذ

 التي لم نشربها

 وادّعيت أننا سنلتقي ثانيةً

 أصبّر نفسي:

 كلّما عتقت

 صارت أشهى

6

 اللمبة الإضافية لم تجدِ نفعاً

 هل الغرفة معتمة حقاً هذا المساء؟

 أم أنه قلبي؟

7

 أتذكّر تفاصيل لقائنا الأخير

 بدفءٍ غامض

 
 هواء المكيّف

 باردٌ

 ويعيدني فجأةً

8

 ذلك اليوم

 حين رحلت

 انهمر مطرٌ غزير

 في شارع الحمراء

 غاسلاً فقط آثار أقدامنا

 أنا وأنت

9

 ضجيج الموسيقى

 لم يكن أعلى من صوت رأسي

 وجوههم المحيطة بي

 لم تكن أوضح من وجهك

10

 كم أحتاج أحياناً

 أن أخرج

 من العالم

 إلى غرفتي

11

 وفكرت بأني

 لو تناسيت ضجيج الموسيقى والأحاديث المحيطة بي

 وأغمضت عيني بشدّة

 لاستطعت أن أختفي من ذاك المكان

12

 وحين رأيت نجمة في السماء

 تمنّيت شيئاً

13

 ماذا لو متّ في حادث سيرٍ مريع

 في طريقي إلى العمل

 أو لو ارتكب الطيّار خطأً

 أثناء سفري الأسبوع المقبل

 لماذا لم أقترح عليك

 أن نلتقي مرّة واحدة بعد

14

 أحياناً

 يخطر لي أن أتصل بك

 لأقول لك كل الأشياء التي لم أقلها

 أو أن أطرق بابك فجأةً

 وأعانقك إذ تفتح الباب

 تماماً

 كما يخطر لي بين حينٍ وآخر

 أن أسقي هذه النبتة

 الميتة في أصيصها

 منذ شهور

15

 أيها الدماغ

 الذي لا يكفّ عن تذكّر يخنق لياليّ

 وعن صنع كوابيس تلاحق نهاراتي

 وعن تفكير يستنزف روحي المتعبة

 وعن صنع أحلام لا تتحقّق

 أيها الدماغ

 المتفاني في محاولاته لصنع القرارات الصحيحة

 والبارع، على رغم ذلك، باتخاذ الرديئة منها

 كم ستبدو مثيراً للشفقة

 ذات يوم

 حين تتناهشك حشرات القبر

 بنهمٍ كثير

 ولا تترك سوى جمجمة فارغة فارغة

***

الطائرة أقلعت بصعوبة

1

 الطائرة أقلعت بصعوبة

 كان يثقلها

 قلبي

 الذي يأبى الرحيل

2

 الوحدة

 أن أنتظر التاكسي ليلاً

 أن أنظر إلى الناس والأشياء

 من نافذة المقعد الخلفي

 وأفكّر في غرفتي الفارغة

3

 لو أعود عشر سنين إلى الوراء

 واقفةً أمام المنزل

 في انتظار الباص

 أتأفّف من حقيبتي الثقيلة

4

 كل مساء

 أقرّر أني في الصباح التالي

 سأخبرك أني

 لا أريد أن أراك مجدّداً

5

 كما منظّمة الأمم المتحدة

 كثيرةٌ قراراتي

 ولا أنفّذ شيئاً منها

6

 ما يحزنني حقّاً

 أني أصبحت

 قليلاً ما أفتقد شيئاً

 ونادراً ما أستمع إلى الموسيقى

7

 ما الفائدة

 لو أخبرتك غداً

 أني أمضيت ليلةً سيّئة

8

 ذات يوم

 كما "فورست غامب"

 سأشتري حذاءً رياضياً جديداً

 وأركض في رحلة حول العالم

9

 ليست الغربة

 ولا الوحدة

 ولا أيّ شيء من هذا القبيل



 ترعبني فكرةٌ واحدة فقط:

 أن أعود ذات يوم

 ولا أجدكم

10

 قرّرت الآتي:

 حين يطلع الصباح

 سأستقلّ أوّل حافلة

 وأذهب إليك

11

 محزنٌ

 أن ليس ثمّة من يضع كفّه

 على جبيني

 ليتفقّد حرارتي

 وأنا أرتجف

12

 غداً

 حين أصحو

 كلّ شيء سيكون أفضل

عن الأرق مجدّداً

نشرت في فلسطين الشباب

 أضواءٌ صغيرةٌ

 بحجم بؤبؤ العين

 تصبح أكثر ما في الغرفة وجوداً

 وتكون المفارقة أننا الآن نلاحظها جيّداً

 الغرفة بالأبيض والأسود

 نقلّبها يمنةً ويسرة

 تماماً كما الأفكار التي في رؤوسنا

 تماماً كما آلامنا

 التي فجأةً

 ينبت لها جذور

 وتمتد لها أغصان

 ويكون علينا أن ننتظر طويلاً

 طويلاً جداً أحياناً

 وعلينا أن نتحلّى بالصبر

 وأن نحاول جدّياً

 التفكير بأشياء جميلة

 لا لكي تساعدنا على النوم

 بل لكي نجتاز الليلة بأقل ضررٍ ممكن:

 سترة نجاةٍ في طائرةٍ تسقط

 خوذةٌ في حادث درّاجةٍ نارية

 وعلينا أن ننتظر قليلاً بعد

 آملين أن نغفو

 ريثما يستعيد العالم ألوانه مجدّداً.

عن الوداع

نشرت في فلسطين الشباب


العناقات لا تكفي أحياناً

 ولا الكلام الكثير

 ولا الصمت الكثير

 الذي، مثقلاً بالقلق من الآتي،

 يلقي بنفسه فوق الصدور

 كصخرةٍ عملاقةٍ سقطت من علو

 كصندوقٍ حديديّ ألقي في بحر

 والدموع لا تنفع كذلك

 ولا الملامح الغائمة التي

 في اللحظات الأخيرة

 تصنع شكل الوجوه

 ولا شيء يبقى

 سوى ذلك النقصان

 الذي بعد ثوانٍ سيملأ المكان

 كبابٍ يغلق على مهلٍ

 كمقعدٍ فارغٍ في مقهى

 كسيّارةٍ تدير محرّكها

 وتمضي بعيداً بعيداً.